(( مراسم استقبال إناء الرسول صلى الله عليه وسلم فى تركيا )) …. هذا عنوان مقطع منتشر هذه الأيام على الشبكة العنكبوتية وبخاصة على موقع اليوتيوب youtube
عرض مختصر للفيديو
يبدأ المقطع بعبارات فارسية … ( تركيا حروفها لاتينية ) … وبعدها تأتى عبارات بالإنجليزية تفيد بأن إناء الرسول عليه الصلاة والسلام وصل إلى الشيشان … ( المصداقية مفقودة من البداية ) … تظهر طائرة صغيرة وهى خطوط طيران أجنبية … والطيار واضح أنه غيرعربى … أوربى … أمريكى .. لايهم … بعدهايظهر رجلا يصعد للطائرة ويقبل الصندوق المفترض أنه يحوى الإناء والطيار يبتسم إبتسامة ليس لها أى معنى … ( هذا الشخص هو رئيس الشيشان رمضان قادروف ) … ويحمل … بل يحتضن الصندوق وينزل به ويسير وسط موكب مهول من العسكريين والأرض تكسوها البسط الحمراء …
ويعطى الرئيس الشيشانى الصندوق بكل إجلال وتقديس لشيخ كبير ويقوم الآخر بتقبيله .. ثم تنهمر القبلات وسط مسيرة ضخمة .. وموكبا رائعا من السيارات الفارهة … وكل هذا مصاحبا بصوت سامى يوسف … وفى الشوارع تظاهر الناس وتجمعوا حتى يستقبلوا أثرا من آثار الرسول عليه الصلاة والسلام …
وفى النهاية يصل الإناء .. أين لانعرف ولكن الواضح أنه ضريح … يصل الإناء ويُفتح الصندوق وسط بكاء ونحيب هذا الحشد الكبير … والكل يتسابق للشرب منه والتبرك به ( الإناء واضح أنه من مادة عاجية )
الرد على هذا الإدعاء
أولا : كيف التأكد أن هذا الإناء هو إناء الرسول صلى الله عليه وسلم … ولننظر إلى الإناء فسنجده بغير الوصف الذى وصفه ابن القيم الجوزية فى زاد الميعاد … يقول ابن القيم : ( وكان له قدح يُسمى الريان ويُسمى مغنيا وقدح آخر مضبب بسلسلة من فضة وكان له قدح من قوارير وقدح من عيدان يوضع تحت سريره يبول فيه بالليل ) } زاد الميعاد – ص 38 ( 5- زاد الميعاد ) – أول – طبع المطبعة الميمنية بمصر { نسأل هنا : الإناء الذى ظهر فى المقطع أيهم هذا الإناء مما ذكره ابن القيم ؟!
ثانيا : المراسم التى أُجريت .. هى مظاهر تقديس والرسول عليه الصلاة والسلام ، والرسول صلى الله عليه وسلم بشر، قال الله تعالى : } قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً { [الكهف : 110]
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إطراءه وتقديسه ، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاتطرونى كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده . فقولوا : عبد الله ورسوله ( البخارى 3445 )
وفى فتوى للشيخ محمد صالح المنجد وكانت ردا على سائلة قالت : أنها كانت تحضر محاضرة عن المسجد الأقصى وتم إحضار ماء قيل أنه مغموس بشعرة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلطوها بماء خزان المسجد حتى تستفيد منه أكبر عدد من النسوة من بركتها … ( ولا أعلم لماذا تحددت النساء بصفة خاصة برغم أن ماء خزان المسجد يستفيد منه من استعمله رجالا سواء أم نساء )
فأجاب الشيخ – حفظه الله – أنه اتفق العلماء على جواز التبرك بأثار الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث أنس بن مالك رضى الله عنه : لَمَّا رَمَى الْجَمْرَةَ نَاوَلَ الْحَلاقَ رَأْسَهُ فَنَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْمَنَ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ ، فَقَالَ : ” اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ( رواه مسلم 1305 )
وهذا التبرك كان فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم … نتابع الفتوى ، قال الشيخ : أن الزعم الآن بأن هذا من شعر النبى صلى الله عليه وسلم أو آثاره ، زعم لايسنده دليل وما يُقال فى هذا الباب نوع من الدجل والخرافة … قال الشيخ الألبانى – رحمه الله – : ونحن نعلم أن أثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت ، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شئ منها على وجه القطع واليقين ( التوسل ص 147 ) } موقع الإسلام سؤال وجواب – العقيدة – فتوى رقم 100105{
ثالثا : من الناحية العقلية والتفكير التى دع إليها إسلامنا .. يقول عز وجل ُ( يؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) [البقرة : 269]
وعلينا أن نسأل أنفسنا قبل أن تجرفنا العاطفة ونتبع أشياء مجهولة توقعنا فى بدعة … وكل بدعة ضلالة … وكل ضلالة فى النار … نسأل من أيت أتى هذا الإناء ؟! .. ومن الذى أرسله للشيشان أو لتركيا ؟! … فالطائرة وطيارها واضح أنهما من دولة أجنبية … فكيف حصلت هذه الجهة على الإناء ؟! … والأغرب أن الغرب بالأمس القريب نشروا الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام … واليوم يهدون إناءه لدولة مسلمة – أيا كان مذهبها – هكذا بكل سهولة ؟!
وإذا صدقنا جدلا أنه إناء الرسول صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يتم إهداءه إلى المملكة العربية السعودية … وهى مهبط الرسالة … وهى بلد بيت الله الحرام … وهى البلد التى شهدت ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته ؟!
أدعو كل من يجلس أمام شاشة الحاسوب … ويبحث فى الشبكة العنكبوتية أن يُفكر … وأن يُشاهد … ويبحث .. ولا يروج لمثل هذه المقاطع … وإن أوقفه شيئا يبحث فى مواقع أهل العلم أو يسأل من يعرفهم من الشيوخ الثقات كى يصل إلى الحقيقة … وأنا أقول أن هناك بديلا لهذا الإناء وهى اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم … فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلفت فيكم شيئيين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتى ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ( صحيح الجامع 3232 )